فصل: سنة تسع وستين وأربعمئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ست وستين وأربعمئة:

فيها كان الغرق الكثير ببغداد، فهلك خلق تحت الردم، وأقيمت الجمعة في الطيّار على ظهر الماء، وكان الموج كالجبال، وبعض المحال غرقت بالكليّة، وبقيت كأن لم تكن، وقيل إنّ ارتفاع الماء، بلغ ثلاثين ذراعاً.
وفيها توفي أبو سهل الحفصي، محمد بن أحمد بن عبيد الله المروزيّ، راوي الصحيح عن الكشميهني. كان رجلاً عامياً مباركا ً، سمع منه نظام الملك، وأكرمه وأجزل صلته.
وأبو محمد الكتَّاني، عبد العزيز بن أحمد التميمي الدمشقي الصوفي الحافظ. روى عن تمّام الرازي وطبقته ورحل سنة سبع عشرة وأربعمئة، إلى العراق والجزيرة، وكان يفهم ويذاكر. قال ابن ماكولا: مكثر متقن.
قلت: توفي في جمادى الآخرة.
وأبو بكر العطار، محمد بن إبراهيم بن علي الحافظ الأصبهاني، مستملي الحافظ أبي نعيم. روى عن ابن مردويه والقاضي أبي عمر الهاشمي وطبقتهما، قال الدقاق: كان من الحفّاظ يملي من حفظه، توفي في صفر.
وابن حيُّوس، الفقيه أبو المكارم، محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي الفرضي. روى عن خاله أبي نصر بن الجندي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، توفي في ربيع الآخر.
ويعقوب بن أحمد، أبو بكر الصيرفي النيسابوري العدل. روى عن أبي محمد المخلدي والخفاف، توفي في ربيع الأول.

.سنة سبع وستين وأربعمئة:

قال ابن الأثير: قد مرّ في سنة خمسٍ، تغلّب الأتراك وبني حمدان على مصر، وعجز المستنصر عنهم، وما صار إليه من الشدّة والفقر، وقتل ابن حمدان، فراسل المستنصر بدراً الجمالي، وهو بساحل الشام، فاستخدم جيشاً، وسار في هذه السنة من عكّا في البحر زمن الشتاء، وخاطر لأنه أراد أن يبغت مصر، وكان هذا الأمر بينه وبين المستنصر سراً، فسلم ودخل مصر، فولاه المستنصر الوزارة، ولقَّبه أمير الجيوش، فبعث طوائف من أصحابه، إلى قوّاد مصر الكبار، فبعث إلى كل أميرٍ طائفة ليأتوه برأسه، ففعلوا. وأصبح وقد فرغ من أمر الديار المصرية، ونقل جميع حواصلهم إلى دار الخلافة، فعاد إليه جميع ما كان أخذ منه إلا القليل، ثم سار إلى دمياط، وقد عصى بها طائفة فقتلهم، ثم أخذ الاسكندرية عنوةً، وقتل جماعة، ثم سار إلى الصعيد فهذّبه، وقتل به اثني عشر ألفاً، وأخذ النساء والمتاع، فتجمّع لحربه عشرون ألف فارس، وأربعون ألف راجل، وعسكروا.
فبيّتهم نصف الليل فانهزموا، وقتل منهم خلائق، ثم عمل بعد ذلك معهم مصافّاً، فهزمهم. ثم أخذ يعمرِّ البلاد، فأطلق للفلاحين الكلف، ثم عث الهدايا إلى صاحب مكّة، فأعاد خطبة المستنصر، بعد أن كان خطب للقائم بأمر الله أربعة أعوام.
وفيها عمل السلطان ملكشاه الرّصد، وأنفق عليه أموالاً عظيمة.
وفيها توفي أبو عمر بن الحذَّاء، محدِّث الأندلس، أحمد بن محمد بن يحيى القرطبي، مولى بني أميّة، حضَّه أبوه على الطَّلب في صغره، وكتب عن عبد الله بن أسد، وعبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، والكبار، في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمئة، وانتهى إليه علوّ الإسناد بقطره، توفي في ربيع الآخر، عن سبع وثمانين سنة.
والقائم بأمر الله، أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسي، توفي في شعبان، وله ست وسبعون سنة، وبقي في الخلافة أربعاً وأربعين سنة وتسعة أشهر، وأمُّه أرمنيّ ة، كان أبيض مليح الوجه مشرباً حمرة، ورعاً ديِّناً كثير الصدقة، له وفضل من خير الخلائق، ولا سيَّما بعد عوده إلى الخلافة، في نوبة البساسيري، فإنه صار يكثر الصيام والتَّهجُّد، غسَّله الشريف أبو جعفر بن أبي موسى، شيخ الحنابلة، وبويع حفيده المقتدي بأمر الله، عبد الله بن محمد بن القائم.
وأبو الحسن الدَّاوودي، جمال الإسلام عبد الرحمن بن محمد بن المظفَّر البوشنجي، شيخ خراسان علماً وفضلاً وجلالة وسنداً، روى الكثير عن أبي محمد بن حمويه، وهو آخر من حدَّث عنه، وتفقه على القفّال المروزيّ، وأبي الطيّب الصُّعلوكي، وأبي حامد الإسفراييني، توفي في شوال، وله أربع وتسعون سنة.
وأبو الحسن الباخرزي، الرئيس الأديب، علي بن الحسن بن أبي الطيّب، مؤلف كتاب دمية القصر وكان رأساً في الكتابة والإنشاء والشعر، قتل بباخزر، في ذي القعدة مظلوماً.
وأبو الحسن بن صصري، علي بن الحسن بن أحمد بن محمد التَّغلبي البلدي ثم الدمشقي المعدَّل. روى عن تمَّام الرازي وجماعة. توفي في المحرم.
وأبو بكر الخيّاط، مقرئ العراق، محمد بن علي بن محمد بن موسى الحنبلي، الرجل الصالح، سمع من إسماعيل بن الحسن الصَّرصري، وأبي الحسن المجبِّر، وقرأ على أبي أحمد الفرضي، وأبي الحسن السُّوسنجردي وجماعة، توفي في جمادى الأولى.
ومحمود بن نصر بن صالح بن مرداس، الأمير عزّ الدولة الكلابي صاحب حلب، ملكها عشرة أعوام،وكان شجاعاً فارساً جواداً ممدَّحاً، يداري المصريين والعباسيين، لتوسط داره بينهما، وولي بعده ابنه نصر، فقتله بعض الأتراك بعد سنة.

.سنة ثمان وستين وأربعمئة:

فيها حاصر أتسز الخوارزمي دمشق، واشتدّ بها الغلاء، وعدمت الأقوات، ثم تسلَّم البلد بالأمان، وعوَّض انتصار المصمودي ببانياس ويافا، وأقيمت الخطبة العباسية، وأبطل شعار الشِّيعة من الأذان وغيره، واستولى تسز على أكثر الشام، وعظم ملكه.
وفيها توفي أبو علي، غلام الهرَّاس، مقرئ واسط، الحسن بن القاسم الواسطي، ويعرف أيضاً بإمام الحرمين، كان أحد من عني بالقراءات، ورحل فيها إلى بلاد، وصنّف فيها. قرأ على أبي الحسن السوسنجردي والحمامي وطبقتهما، ورحل القرَّاء إليه من الآفاق، وفيه لينٌ، توفي في جمادي الأولى، عن أربع وتسعين سنة.
وعبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم بن برزة، أبو الفتح الرّازي الواعظ الجوهري التاجر، روى عن علي بن محمد القصّار وطائفة، وعاش تسعين سنة، وآخر من حدَّث عنه، إسماعيل الحمّامي.
وأبو نصر التاجر، عبد الرحمن بن علي النيسابوري المزكّي، روى عن يحيى بن إسماعيل الحربي النيسابوري وجماعة.
وأبو الحسن الواحدي المفسّر، علي بن أحمد النيسابوري، تلميذ أبي إسحاق الثَّعلبي، وأحد من برع في العلم. روى في كتبه عن ابن محمش، وأبي بكر الحيري وطائفة، وكان رأساً في اللغة والعربية، توفي في جمادى الآخرة، وكان من أنباء السبعين.
وابن عليّك، أبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن الحسن النيسابوري، روى عن أبي نعيم الإسفراييني وجماعة. وقال ابن نقطة، حدَّث عن أبي الحسين الخفّاف، مات في رجب بتفليس.
وأبو بكر الصفّار، محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس النيسابوري الشافعي، أحد الكبار المفتيين تفقّه على أبي محمد الجويني، وجلس بعده في حلقته، وروى عن أبي نعيم الإسفراييني وطائفة، توفي في ربيع الآخر.
وأبو القاسم المهرواني، يوسف بن محمد الهمذاني الصوفي العبد الصالح، الذي خرّج له الخطيب خمسة أجزاء. روى عن أبي أحمد الفرضي، وأبي عمر بن مهدي، ومات في ذي الحجة.
ويوسف بن محمد بن يوسف، أبو القاسم الخطيب، محدّث همذان وزاهدها، روى عن أبي بكر بن لال، وأبي أحمد الفرضي، وأبي عمر بن مهدي وطبقتهم. وجمع ورحل، وعاش سبعاً وثمانين سنة.

.سنة تسع وستين وأربعمئة:

فيها سار أتسز صاحب الشام، فقصد مصر وحاصرها، ولم يبق إلا أن يملكها، فاجتمع الخلق وتضرّعوا إلى الله مما هم فيه، فترحَّل عنهم شبه المنهزم من غير سبب، وأتى القدس، فعصوا عليه، فقاتلهم. ثم دخل البلد عنوةّ، وعمل كل قبيح، وذبح القاضي والشهود، وقتل بها نحواً من ثلاثة آلاف نفس.
وفيها كانت فتنة أبي نصر بن القشيري ببغداد، قدم فوعظ بالنظاميّة وحاب في الوعظ الاعتقاد، ونصر الأشاعرة، وحطَّ على الحنابلة، فهاجت أحداث السُّنّة، وقصدوا النظاميّة، وحميت الفتنة، وقتل بها نحواً من ثلاثة آلاف نفس.
وفيها كانت فتنة أبي نصر بن القشيري ببغداد، قدم فوعظ بالنظامية، وحاب في الوعظ الاعتقاد، ونصر الأشاعرة، وحطَّ على الحنابلة، فهاجت أحداث السُّنّة، وقصدوا النظاميّة، وحميت الفتنة، وقتل جماعة، نعوذ بالله من الفتن.
وفيها توفي أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السُّلمي،
أحد رؤساء دمشق وعدولها، روى عن جدّه أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان، وجماعة. وسمع بمكة من ابن جهضم، توفي في ربيع الأول، في عشر التسعين.
وحاتم بن محمد بن الطرابلسي، أبو القاسم التميمي القرطبي، المحدِّث المتقن، مسند الأندلس، في ذي القعدة، وله إحدى وتسعون سنة. روى عن عمر بن نابل، وأبي المطرَّف بن فطيس وطبقتهما. ورحل فأكثر عن أبي الحسن القابسي، وسمع بمكة من ابن فراس العبقسي، وكان فقيهاً مفتياً، قيل إنه دعي إلى قضاء قرطبة فأبى.
وحيَّان بن خلف بن حسين بن حيّان، أبو مروان القرطبي الأديب، مؤرِّخ الأندلس ومسندها، توفي في ربيع الأول، وله اثنتان وتسعون سنة. سمع من عمر بن نابل وغيره، وله كتاب المتين في تاريخ الأندلس، ستّون مجلداً، وكتاب المقتبس في عشر مجلدات، وقد رئي في النوم، فسئل عن التاريخ الذي عمله فقال: لقد ندمت عليه، إلا أنَّ الله تعالى أقالني وغفر لي بلطفه.
وحيدرة بن علي الأنطاكي، أبو المنجَّا المعبِّر حدّث بدمشق عن عبد الرحمن بن أبي نصر وجماعة. قال ابن الأكفاني: كان يذكر أنه يحفظ في علم التعبير، عشرة آلاف ورقة وزيادة.
وأبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ المصري الجوهري النحوي، صاحب التصانيف، دخل بغداد تاجراً في الجوهر، وأخذ عن علمائها، وخدم بمصر في ديوان الإنشاء، ثم تزهّد بآخرة، ثم سقط من السطح فمات.
وكرَّكان الزاهد القدوة، أبو القاسم عبد الله بن علي الطوسي، شيخ الصوفية، وصاحب الدويرة والأصحاب، روى عن حمزة المهلَّبي وجماعة، ومات في ربيع الأول.
وأبو محمد الصَّريقيني، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هزارمرد المحدّث، خطيب صريفين، توفي في جمادى الآخرة، عن خمس وثمانين سنة، روى عن أبي القاسم بن حبابة، وأبي حفص الكتّابي وطائفة، وكان ثقة.

.سنة سبعين وأربعمئة:

وفيها كانت فتنة هائلة ببغداد، بسبب الاعتقاد، ووقع النهب في البلد، واشتدّ الخطب، وركب العسكر، وقتلوا جماعة، حتى فتر الأمر.
وفيها توفي أبو صالح المؤذِّن، أحمد بن عبد الملك بن علي النيسابوري الحافظ، محدّث خراسان في زمانه، روى عن أبي نعيم الإسفراييني، وأبي الحسن العلوي، والحاكم، وخلق. ورحل إلى أصبهان وبغداد ودمشق، في حدود الثلاثين وأربعمئة، وله ألف حديث، عن ألف شيخ، وثّقه الخطيب وغيره، ومات في رمضان، عن اثنتين وثمانين سنة، وله تصانيف ومسوَّدات.
وأبو الحسين بن النَّقور، أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي البزاز، المحدّ!ث الصدوق. روى عن علي الحربي، وأبي القاسم بن حبابة وطائفة، وكان يأخذ على نسخة طالوت ديناراً، أفتاه بذلك الشيخ أبو إسحاق، لأن الطلبة كانوا يفوّتونه الكسب لعياله، مات في رجب، عن تسعين سنة.
وأبو نصر بن طلاب الخطيب، الحسين بن أحمد بن محمد القرشي مولاهم الدمشقي، خطيب دمشق، روى عن ابن جميع معجمه وعن أبي بكر بن أبي الحديد، وكان صاحب مالٍ وأملاك، وفيه عدالة وديانة، توفي في صفر، وله إحدى وتسعون سنة.
وعبد الله بن الخلال، أبو القاسم بن الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد البغدادي، سمَّعه أبوه من أبي حفص الكتَّاني والمخلّص، ومات في صفر، عن خمس وثمانين سنة. قال الخطيب: كان صدوقاً.
وأبو جعفر بن أبي موسى الهاشيم، شيخ الحنابلة، عبد الخالق بن عيسى ابن أحمد، وكان ورعاً زاهداً، علاَّمة كثير الفنون، رأساً في الفقه، شديداً على المبتدعة، نافذ الكلمة. روي عن أبي القاسم بن بشران، وقد أخذ في فتنة ابن القشيري وحبس أياماً، ومات في صفر، عن تسع وخمسين سنة.
وأبو القاسم عبد الرحمن بن مندة الأصبهاني الحافظ، صاحب التصانيف، ولد الحافظ الكبير الجوّال، أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد العبدي، كان ذا سمتٍ ووقار، وله أصحاب وأتباع، وفيه تستُّن مفرط، أوقع بعض العلماء في الكلام، في معتقده، وتوهّموا فيه التجسيم، وهو برئ منه فيما علمت، ولكن لو قصّر من شأنه لكان أولى به، أجاز له زاهر بن أحمد السرخسي، وروى الكثير عن أبيه، وأبي جعفر الأبهري وطبقتهما وسمع بنيسابور، من أصحاب الأصمّ، وبمكة من ابن جهضم، وبهمذان والدينور وشيراز وبغداد، وعاش تسعاً وثمانين سنة.

.سنة إحدى وسبعين وأربعمئة:

فيها دخل تاج الدولة تتش، أخو السلطان ملكشاه إلى الشام، من جهة أخيه، وأخذ حلب ودمشق، وكان عسكره التركمان، وكان أقسيس- ويقال أتسز وأطسز الخوارزمي- قد جاءت المصريون لحربه، فاستنجد بتتش عندما أخذ حلب، فسار إليه، وفرّ المصريون، فخرج أقسيس إلى خدمة تتش، فأظهر الغضب لكونه ما تلقاه إلى بعيد، وقبض عليه وقتله في الحال، وأحسن سيرته في الشاميين، وكان الناس في جورٍ وضرّ مع أتسز، نزل جنده في بيوت الناس، وصادر الناس وعذبهم في الشمس.
وفيها توفي أبو علي بن البنّا، الفقيه، الحسن بن أحمد البغدادي الحنبلي، صاحب التواليف والتخاريج، روى عن هلال الحفّار وطبقته، وقرأ القراءات على الحمّامي، وتفقه ودرَّس وأفتى ووعظ، وكان ناصراً للسنة.
وأبو علي الوخشي، الحسن بن علي بن محمد البلخي الحافظ الكبير، رحل وطوّف، وجمع وصنَّف،وعاش ستّاً وثمانين سنة. روى عن تمام الرازي، وأبي عمر بن مهدي، وطبقتهما، بالشام والعراق ومصر وخراسان، وكان ثقةً.
وأبو القاسم الزنجاني، سعد بن علي، الحافظ القدوة الزاهد، نزيل الحرم، جار بيت الله. روى عن أبي عبد الله بن نظيف الفرَّاء، وعبد الرحمن بن ياسر الجوبري، وخلق. سئل محمد بن طاهر المقدسي، عن أفضل من رأى؟ فقال: سعد الزنجاني، وشيخ الإسلام الأنصاري، فقيل: أيّهما أفضل؟ فقال: الأنصاري كان متفننا، وأما الزنجاني، فكان أعرف بالحديث منه، وسئل إسماعيل التيمي عن سعد، فقال: إمام كبير، عارف بالسنَّة. وقال غيره: توفي في أوّل سنة إحدى وسبعين، أو في آخر سنة سبعين، عن تسعين سنة.
وعبد الباقي بن محمد بن غالب، أبو منصور الأزجي العطار، وكيل القائم والمقتدي، صدوق جليل. روى عن المخلّص وغيره، توفي في ربيع الآخر.
وعبد العزيز بن علي، أبو القاسم الأنماطي، ابن بنت السُّكّري. روى عن المخلص. قال عبد الوهاب: الأنماطي ثقة، ومات في رجب.
قلت: آخر من روى عنه، ابن الطلاية الزاهد.
وعبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، أبو بكر النحوي اللعلاّمة، صاحب التصانيف، منها المغني في شرح الإيضاح ثلاثون مجلداً، وكان شافعيّاً أشعرياً. ومنهم من يقول: توفي سنة أربع وسبعين.
وأبو عاصم الفضيلي الفقيه، واسمه الفضيل بن يحى الهروي، شيخ أبي الوقت، في جمادى الأولى، وله ثمان وثمانون سنة.
وأبو الفضل القومساني، محمد بن عثمان بن زيرك، شيخ عصره بهمذان، فضلاً وعلماً وجلالةً وزهادةً وتفنناً في العلوم، عن بضع وسبعين سنة.
روي عن الحسين بن فتحويه الثقفي، وعلي بن أحمد بن عبدان وجماعة.
ومحمد بن أبي عمران، أبو الخير بن موسى المروزي الصفّار، آخر أصحاب الكشميهني، ومن به ختم سماع البخاري عالياً، ضعَّفه ابن طاهر.

.سنة اثنتين وسبعين وأربعمئة:

فيها توفي أبو علي، الحسن بن عبد الرحمن بن محمد الشافعي المكي الحنّاط المعدَّل، روى عن أحمد بن فراس العبقسي، وعبيد الله بن أحمد السقطي، توفي في ذي القعدة.
ومحمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد، أبو عبد الله الفرسي ثم الهروي، راوي جزء أبي الجهم وغير ذلك، عن أبي محمد الشريحي، في شوال.
وأبو منصور العكبري، محمد بن أحمد الأخباري النديم، عن تسعين سنة، صدوق. روى عن محمد بن عبد الله الجعفي، وهلال الحفّار وطائفة.
توفي في شهر رمضان.
وهيَّاج بن عبيد الزاهد القدوة، أبو محمد الحطِّيني، قال هبة الله الشيرازي: أما هيّاج الزاهد الفقيه، فما رأت عيناي مثله في الزهد والورع. وقال ابن طاهر: بلغ في زهده، أنه يواصل ثلاثة أيام، لكي يفطر على ماء زمزم، فإذا كان اليوم الثالث، من أتاه بشيء أكله، وكان قد نيَّف على الثمانين، وكان يعتمر في كل يوم ثلاث عمر على رجليه، ويدرس عدَّة دروس لأصحابه، وكان يزور النبي صلى الله عليه وسلم في كل من مكة، فيمشي حافياً ذاهباً وراجعاً. روى عن أبي ذرّ الهروي وطائفة.

.سنة ثلاث وسبعين وأربعمئة:

فيها توفي أبو القاسم، الفضل بن عبد الله بن المحب الواعظ النيسابوري آخر أصحاب أبي الحسين الخفّاف موتاً، وروي عن العلوي وغيره.
وأبو الفتيان بن حيوس، الأمير مصطفى الدولة، محمد بن سلطان الغنوي الدمشقي، شاعر أهل الشام، له ديوان كبير. وقد روى عن خاله أبي نصر بن الجندي، توفي في شعبان بحلب، عن ثمانين سنة.

.سنة أربع وسبعين وأربعمئة:

فيها سار تتش السلجوقي غازياً في دمشق، فافتتح طرسوس.
وفيها توفي أبو الوليد الباجي، سليمان بن خلف التجيبي القرطبي بالمريّة، في رجب، عن إحدى وسبعين سنة. روى عن يونس بن عبد الله بن مغيث، ومكّي بن أبي طالب، وجاور ثلاثة أعوام، ولزم أباذرّ الهروي، وكان يمضي معه إلى السراة، ثم رحل إلى بغداد وإلى دمشق، وروى عن عبد الرحمن بن الطبيز وطبقته بدمشق، وابن غيلان وطبقته ببغداد، وتفقه على أبي الطيّب الطبري وجماعة، وأخذ علم الكلام بالموصل، عن أبي جعفر السمناني، وسمع الكثير، وبرع في الحديث والفقه والأصول والنظر، وردَّ إلى وطنه، بعد ثلاث عشرة سنة، بعلمٍ جمٍّ، مع الفقر والقناعة، وكان يضرب ورق الذهب للغزل، ويعقد الوثائق، ثم فتحت عليه الدنيا، وأجزلت صلاته، وولي قضاء أماكن، وصنّف التصانيف الكثيرة. قال أبو علي بن سكرة: ما رأيت أحداً على سمته وهيئته وتوقير مجلسه.
وأبو القاسم بن البسري، علي بن أحمد البغدادي البندار. قال أبو سعد السمعاني: كان صالحاً ثقة فهماً عالماً، سمع المخلّص وجماعة، وأجاز له ابن بطة، ونصر المرجي، وكان متولضعاً حسن الأخلاق، ذا هيئة ورواء، توفي في سادس رمضان.
وأبو بكر محمد بن المزكّي المحدث، من كبار الطلبة، كتب عن خمسمئة نفس، وأكثر عن أبيه، وأبي عبد الرحمن السُّلمي والحاكم. وروى عنه الخطيب، مع تقدمه، توفي في رجب.

.سنة خمس وسبعين وأربعمئة:

فيها قدم الشريف أبو القاسم البكري الواعظ، من عند نظام الملك إلى بغداد فوعظ بالنظامية ونبز الحنابلة بالتجسيم فسبوه وتعرضوا له وكبس دور بني الفرّاء، وأخذ كتاب القاضي أبي يعلي في إبطال التأويل فكان يقرأ بين يديه، وهو على المنبر، فيشنِّع به ويبشِّع شأنه.
وفيها توفي محدث أصبهان ومسندها، عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة، أبو عمرو العبدي الأصبهاني، الثقة المكثر، سمع أباه وابن خرَّشيذ قوله، وجماعة. توفي في جمادى الآخرة.
ومحمد بن أحمد بن علي السمسار، أبو بكر الأصبهاني، روى عن إبراهيم بن خرَّشيذ قوله، وجماعة، ومات في شوال، وله مائة سنة. روى عنه خلق كثير.
والمطهر بن عبد الواحد، أبو الفضل البزاني الأصبهاني توفي فيها، أو في حدودها، روى ع ابن المرزبان الأبهري، جزء لوين، وعن ابن مندة، وابن خرشيذ قوله.

.سنة ست وسبعين وأربعمئة:

فيها عزم أهل حرّان، وقاضيهم ابن جلبة الحنبلي، على تسليم حرّان إلى جنق أمير التركمان، لكونه سنيّاً، وعصواً على مسلم بن قريش صاحب الموصل، لكونه رافضياً، ولكونه مشغولاً بمحاصرة دمشق مع المصريين، كانوا يحاصرون بها، تاج الدولة تتش، وأسرع إلى حرّان ورماها بالمجانيق، وأخذها، وذبح القاضي وولديه رحمهم الله.
وفيها توفي الشيخ أبو إسحاق الشِّيرازي، إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادي الشافعي، جمال الدين، أحد الأعلام، وله ثلاث وثمانون سنة.
تفقه بشيراز، وقدم بغداد، وله اثنتان وعشرون سنة، فاستوطنها ولزم القاضي أبا الطيّب، إلى أن صار معيده في حلقته، وكان أنظر أهل زمانه، وأفصحهم وأورعهم، وأكثرهم تواضعاً وبشراً، وانتهت إليه رئاسة المذهب في الدنيا. روى عن أبي عليّ بن شاذان والبرقاني، ورحل إليه الفقهاء من الأقطار، وتخرّج به أئمةٌ كبار، ولم يحجّ ولا وجب عليه، لأنه كان فقيراً متعففاً قانعاً باليسير، درَّس بالنظامية، وله شعر حسن، توفي في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة.
وطاهر بن الحسين، أبو الوفا القوّاس الحنبلي الزاهد، ببغداد عن ست وثمانين سنة. روى عن هلال الحفّار وجماعة، وكان إماماً في الفقه والورع والإبراهيمي، عبد الله بن عطاء الهروي الحافظ، وهو ضعيف، يروي عن أبي عمر المليحي وأقرانه.
وعبد الوهاب بن أحمد بن جلبة الفقيه، أبو الفتح البغدادي ثم الحراني الخزاز الحنبلي قاضي حران وصاحب القاضي أبي يعلى وروى عن أبي بكر البرقاني وجماعة، قتله كما ذكرنا صاحب الموصل مسلم بن قريش كما ذكرنا.
والبكري، أبو بكر المغربي الواعظ، من دعاة الأشعرية، وفد على نظام الملك بخراسان، فنفق عليه، وكتب له سجلاً أن يجلس بجوامع بغداد، فقدم وجلس ووعظ، ونال من الحنابلة سبّاً وتكفيراً، ونالوا منه ولم تطل مدّته، ومات في هذا العام.
وأبو طاهر، محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصَّقر اللَّخمي الأنباري الخطيب، في جمادى الآخرة، وله ثمانون سنة، سمع بالحجاز والشام ومصر، وأكبر شيخ له، عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي.
ومقرئ الأندلس في زمانه، أبو عبد الله محمد بن شريح الرعيني الإشبيلي المقرئ، مصنف كتاب الكافي وكتاب التذكير وله أربع وثمانون سنة، وقد حجّ وسمع من أبي ذرّ الهروي وجماعة.